بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 21 أغسطس 2014

صلاة بشائر الخيرات



لسيدى عبد القادر الجيلانى
بسم لله لرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين وبعد
فهذه الصلاة لها سر عظيم فهي فعلا مفتاح باب الخيرات وان لها من الفؤاد ما يعجز عنه اللسان فيامن تقراء كلامي لا تتهاون بها وداوم على قرائتها وسترى باذن الله أثرها .. ان الدوام والا ستمرار على الاوراد هو مفتاحها واحب الأعمال الى الله ادومها.
 اليكم الصلاة هذه صلاة بشائر الخيرات على سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم تأليف إِمام الأَئمة الشيخ عبد ق عبد القادر الجيلانى قدس الله تعالى سره ونفعنا الله سبحانه ببركته آمــــــيــــــن . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمؤمنين بما قال العظيم :وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للذاكرين بما قال العظيم : فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً *هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للعاملين بما قال العظيم : أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وبما قال : وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للأوابـين بما قال العظيم : فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا*لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للتوابين بما قال العظيم : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ*وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمخلصين بما قال العظيم : فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا*مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للخاشعين بما قال العظيم : وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ-الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمصلين بما قال العظيم : وَأَقِمْ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ- أَقِمْ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للصابرين بما قال العظيم : إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للخائفين بما قال العظيم : وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ، وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى فإِن الجنة هي المأَوى .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمتقين بما قال العظيم : وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ- الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ، فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمخبتين بما قال العظيم : الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للصابرين بما قال العظيم : وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ، إِنِّي جَزَيْتُهُمْ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمْ الْفَائِزُونَ.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للكاظمين بما قال العظيم : الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ، فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمحسنين بما قال العظيم : وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ، مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للشاكرين بما قال العظيم : وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ، لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمُنْـفِقِن بما قال العظيم : وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ، وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمتصدقين بما قال العظيم : وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للسائلين بما قال العظيم : فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي ، وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للصالحين بما قال العظيم : أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ ، أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ ،الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمصلين بما قال العظيم : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ، يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمبشرين بما قال العظيم : وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للفائزين بما قال العظيم : وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للزاهدين بما قال العظيم : الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للأَميّـــين بما قال العظيم : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمصطفين بما قال العظيم : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمذنبين بما قال العظيم : قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمستغفرين بما قال العظيم : وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا.

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للعابدين بما قال العظيم : إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ، لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ، لَا يَحْزُنُهُمْ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ .

*
اللهم صلِّ وسلم على ســيدنا محمّد البشير المبشّر للمسلمين بما قال العظيم : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ، وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ، وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى .

اللهم صلِّ على سيدنا محمد ، نور الأنوار ، وسر الأَسرار ، وتريّاق الأَغيار ومفتاح باب اليسّار ، سيدنا محمد المختار ، وأَصحابه الأَخيار، عدد نعم الله وأَفضاله

الأربعاء، 20 أغسطس 2014

معنى الصلاة على النبيّ المختـار






بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

أحمدك اللّهم بكلّ قلب ولسان، يا مجتبي المخلصين إلى أعلى درجات الإحسان، فضلك تؤتيه من تشاء وأنت أهل الفضل والكرم والامتنان، فأشهد أنّك الواحد الأحد المنفرد بالوجود والإيجاد، واشهد أنّ سيدنا ومولانا محمدا رسولك المستعدّ لكمال تجلياتك كلّ الاستعداد، فصلّ اللّهم عليه بقدر ما في كرمك، صلاة وسلاما يوفيّان بغرضه منك، وآله وأصحابه القائمين بنصرة الحقّ الناشرين لواءه، وارحم اللّهم الباقيات الصالحات في هذه الأمّة، وأمطر على أجسامهم وأرواحهم وقلوبهم من سحائب الرحمة، وأيدهم وسدّدهم وقوّهم بكلّ برهان وحجّة وحكمة آمين. إنّ الصلاة معناها يختلف باختلاف المصلّي والمصلّى عليه، وبيان اختلافها باعتبار أنّها إذا كانت من الله تكون غير الصلاة المطلوبة من خلقه لأنّها منه تعالى فعل، ومن غيره قول، لا تخرج عن معنى الدعاء فسرت بطلب الرحمة المقرونة بالتعظيم أو بغير ذلك ممّا سيأتي بيانه، فهي دعاء على كلّ حال، ثمّ إنّها إذا كانت من الله يختلف معناها باختلاف المصلّى عليه ومن المعلوم أنّ صلاته تعالى على عامّة المؤمنين ليست عين صلاته على خاصّتهم (تلك الرسل فضلّنا بعضهم على بعض )[1]، وإذا حصل التفاضل بين الخصوص فما بين العموم أولى. فمنهم من يصلّي عليه تعالى ليخرجه من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان، ومنهم من يصلّي عليه، ليخرجه من نور الإيمان إلى سرّ الإيقان، ومنهم من يصلّي عليه ليخرجه من سرّ الإيقان إلى وقوع العيان، ومنهم من يصلّي عليه ليخرجه من وقوع العيان إلى فقد الأعيان، وهنا يستولي المصلّي على المصلّى عليه (كنت سمعه وبصره الخ …..).

ثمّ أقول: إنّ الله تعالى جعل الصلاة على أنبيائه وأصفيائه مقابلة للعنة على أعدائه، لأنّ اللعنة معناها الإبعاد والطرد والقطيعة وسدل الحجاب، والصلاة من الله عبارة عن حنوّه وعطفه وقربه وتجليّه وظهوره للمصلّى عليه بما هو أهله، فإنّ كان من عامّة المؤمنين فحظّه من الله عطفه عليه بما يستحقه من أنواع الرحمات، وإن كان المصلّي عليه من خاصتهم فحظّه من الله هو حظّه، إذ لا يكتفي بدونه (وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربّها ناظرة )[2]، ثمّ إنّ الخاصّة تتفاوت بتفاوت التجليّات فمنهم من يتقرّب إليه الحقّ سبحانه وتعالى ويتعرّف إليه بأفعاله ومنهم من يتعرّف إليه بأسمائه ومنهم من يتعرّف إليه بصفاته ومنهم من يتعرّف إليه بذاته وهي الآية الكبرى المشار لها بقوله تعالى: (لقد رأى من آيات ربّه الكبرى)[3] ، أي: رأى آيات ربّه الآية الكبرى، ولو كانت الصلاة على النبيّ معناها الرحمة كما يقولون لحصل له الاكتفاء عند قوله تعالى: (وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين )[4] ، حيث صار عينها، والحالة أنّه لم يزل راغبا، لما وراء ذلك طالبا. قال عليه الصلاة والسلام: (حبّب إليّ من الدنيا النساء والطيب  وجعل قرّة عيني في الصلاة)[5] ، وكان يقول اصدق كلمة قالها الشاعر: (ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل)، أي كيفما كان ذلك الشيء دنيويّ أو أخرويّ إلاّ وهو باطل في نظر النبوءة إلاّ إذا كان منوطا بشهود كمالات الذات وأنوار الصفات، ولمّا كان صاحب الصلاة المشار إليها على علم من مقاصده عليه الصلاة والسلام أنّه لا يتسلّى عن شهود جمال الذات، وإن ترادفت عليه سائر أنواع الرحمات، فسأله تعالى أن يصلّي على محمد كما هو أهله فقال: (اللّهم صلّي وسلّم بأنواع كمالاتك في جميع تجلياتك على سيدنا ومولانا محمد أول الأنوار الفائضة من بحر عظمة الذات، المتحقّق في عالمي البطون والظهور بمعاني الأسماء والصفات، فهو أول حامد ومتعبد بأنواع العبادات والقربات، والممّد في عالمي الأرواح والأشباح لجميع الموجودات، وعلى آله وأصحابه صلاة تكشف لنا النقاب عن وجهه الكريم في جميع المرائي واليقظات، وتعرّفنا بك وبه في جميع المراتب والحضرات،  والطف بنا يا مولانا بجاهه في الحركات والسكنات واللحظات والخطرات، سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين).
فكأنّه يقول: اللّهم إنّك على علم من مراد نبيّك منك من إنّه لا يقف مع شيء دون شهود جمالك، فتعطّف وتقرّب له وتجلّ عليه بسائر أنواع كمالاتك الذاتيّة الكائنة في جميع تجلياتك الفعليّة، أو نقول: الحسيّة والمعنويّة، وأدم له ذلك ومتعه وأمنه في طروء ذلك التجلي عليه، حتى لا يخرج بحصول مطلوبه منك عن مطلوبك منه، وهذا هو اللطف والحفظ المحتاج إليه كلّ واصل أشدّ احتياج، وهو المعبّر عنه بالسلام في لسان الشرع (تحيتهم فيها سلام)[6] ، عند أهل الجنّة لا غير، فكلّ ذي نعمة لا يسأل من الله إلاّ وجود السلامة فيها، ولهذا قيل بوجوب مقارنة الصلاة بالسلام من المصلّي ليحصل التعادل وتتمّ النعمة من الله على المصلّى عليه، لأنّ الصلاة بانفرادها وإن كانت نعمة من الله فهي غير مأمونة الزوال إلاّ إذا كانت مع سلام منه تعالى، وعلى هذا كانت الصلاة شريفة، ويكون السلام أشرف لكن باعتبار تقدّم الصلاة عليه وإلاّ فلا يساويها بانفراده، لأنّ الصلاة معناها: الإقبال من الله على العبد بما يستحق، والسلام معناه حصول الأمن في ذلك الإقبال فهو يعتبر بما قبله، ولمّا كانت منه الصلاة حاصلة من الله لمحمد لا محالة بمقتضى قوله تعالى: (إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ )[7]، فجاء الأمر بسؤالها من الله لمحمد غير مؤكد والمعنى أنّه لم يقل صلّوا عليه صلاة كما قال: (وسلّموا تسليما)، فكأنّه يقول تعالى فالإقبال والتجلّي حاصلان منّي لمحمد صلّى الله عليه وسلّم بكثرة، فبالغوا في سؤال الثبات والأمن له بسؤال لأمّته والله أعلم بمراده، فإن قلت فلم رخّص بعض العلماء في جواز السلام على غير الأنبياء ولم يقل أحد بجواز الصلاة، فأقول:  قد تقدّم لنا أنّ الصلاة معناها أعزّ من أن يتناول كلّ فرد باستقلاله غير الأنبياء والملائكة إلاّ إذا كان بالتبعية، أمّا السلام فغاية ما يصرف إليه طلب الأمن من الله للمسلم عليه فيما هو عليه من جهة سريرته مع الله، فهو لائق ليتناول كلّ فرد من أفراد المؤمنين باعتبار مقامه، فسؤاله لغير الأنبياء غير محال، فلهذا أجازه من أجازه، ثمّ أقول إنّ الأنبياء عليهم صلاة الله وسلامه، قد خصّصوا بمقارنة الصلاة والسلام من الله عليهم دفعة بخلاف من عداهم من الأولياء، فقد تنفرد الصلاة من الله على أحدهم، وقد يحصل بينها وبين السلام تعاقب وترادف وتراخ، ولهذا يظهر من الأولياء ما لا يظهر من الأنبياء ممّا لا يوافق الطبع، وربّما يظهر فيه خروج عن مقتضى الشرع وليس ذلك إلاّ بسبب عدم الحفظ من الله للوليّ في ذلك المقام وانتقال الإرث على غير هيئته، وأمّا الراسخون الوارثون لا يظهر عليهم في الغالب إلاّ ما يوافق الشرع الشريف ويحتمله الطبع، ونعني بالطبع السالم لا الطبع العمومي، وذلك بسبب انتقال الإرث على هيئته، فبلزوم مقارنة الصلاة بالسلام على النبيّ ينتقل الفضل على هيئته لوارثه وهاتان الكرامتان المسمّيتان في لسان الشرع بالصلاة والسلام هما المذكورتان في اصطلاح القوم بالسكر والصحو والفناء والبقاء وغير هذا من اصطلاحاتهم واللفظ غير مترجم عليها حقيقة، ولمّا كانت همّة أهل الخصوصيّة أعلى من أن تتشوف للكائنات فهي دائما دائرة على محور الأسماء والصفات، متشوّفة لما وراء ذلك من كمالات الذات، والله يرزق العبد على قدر همّته، والهمّة إذا عظمت لا تسأل إلاّ بما هو أعظم منها، قال عليه الصلاة والسلام: (فإمّا الركوع فعظمّوا فيه الربّ وأمّا السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)[8] ، ولا سؤال أكرم ولا همّة أعظم من  همّة أدبرت عن الخلق وتعلّقت بالملك الحقّ، فكان سؤالهم رضي الله عنهم منحصرا في خطتهم لهم ولغيرهم، وأمّا قوله بأنواع كمالاتك جمع نوع، وهو غير منحصر بإضافته للألوهيّة لأنّ كمالاته تعالى لا تنتهي، ولهذا سأله تعالى أن يتعرّف لمحمد بأنواع كمالاته حتى يكون ما من كمال ظهر له به إلاّ وما بعده أكمل منه، وفي الهمزيّة للنبهاني:
لم تزل فوق كلّ فوق مجدا‏ *** ‏بالترقي ما للترقي انتهاء
وهكذا إلى ما لا نهاية له (وللآخرة خير لك من الأولى )[9] ، والتجليّات طبق الكمالات فهي أيضا لا تنتهي سواء بسواء (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )[10] ، مع رجوعها للأفعال وأخرى بإضافتها للذات والصفات (والله واسع عليم )[11] ، ثمّ اعلـم أنّه قد جرت عادة العارفين من بث معارفهم في صلواتهم على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتى يكـون ذلك معراجا للمقتدي بهم يتوصل به لبعض مكنونات الألوهيّة وحقائق الرسالة، ولهذا وصف محمـدا صلّى الله عليه وسلّم أنّه أول الأنوار الفائضة من بحر عظمة الذات، فنستفيد من ذلك أنّه أول نــور تفجرت به ينابيع الظهور حيث إنّ أول ما خلق الله تعالى نور سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك النور تفرّعت الأنوار، وتطوّرت الأطوار،
 ثمّ إنّ النور هو عبارة عمّا يستضاء به، أمّا باعتبار المحسوسات أو باعتبار المعقولات، فالأوّل مجلى الظواهر والثاني مجلى السرائر، والأوّل مطمح للأبصار والثاني مطمح للبصائر، والمتبادر فهمه ما استنارت به الظواهر مع أنّه فرع بالنسبة لما انطوى في غيب السرائر، وكيفما تشعبت الأصول وتفرّعت الفروع فمرجعها للنور المفرد (الله نور السموات والأرض )[12] ، وهذا هو النور المجرّد، وأمّا النور الإضافي المعبّر عنه بمحمد فقد مثله بقوله: (مثل نـوره كمشكاة )[13] ، فنوره هو محمد ولهذا وقع التشبيه على المضاف لا على المضاف إليه الـذي هو النور الأول، فسلمت من ذلك مرتبة التنزيه من أن يماسسها شبيه، وإن كان التنزيه عين التشبيه من حيث (فأينما تولوا فثمّ وجه الله )[14] ، فلا بدّ من أخذ المقام مقتضاه، ولو وقــــع التشبيه على النور المجرّد لاستغنى بذكر الضمير عن ذكر المضاف والمضاف إليه، ولقال أيضا كمصباح لوجود المناسبة بين المصباح والنور، وأيضا للزم عن ذلك انحصار البطون في الظهور وتكون المشكـاة والزجاجة غير النور والحالة أنّهما نور على نور فاتحد بهذا الاعتبار المشبه به في وجود النور (ألا إلـى الله تصير الأمور)[15].
فاتضح لنا من هذا أنّه تعالى نور مجرد عن المادة والإضافـــة والنسب إي (ليس كمثله شيء )[16] ، ومثل نوره المتنزّل به المسمّى بمحمد المضـاف لذلك النور المجرّد كمشكاة فيها مصباح من سرّ الله للزوم قيوميتّه بكلّ جوهر وعرض (الله نــور السموات والأرض )[17] ، فالمشكاة لها أوفر نصيب من نور الله (من يطع الرسول فقــد أطاع الله )[18] ، والملخص من ذلك أنّ ما تكثّف من النور المحمدي أشار له بالمشكاة وما تلّطف منه أشار له بالزجاجة وما وراء ذلك أشار له بالمصباح، فالمصباح هو نور للزجاجة والمشكـاة ورد في الخبر: (إنّ الله عزّ وجلّ خلق خلقه في ظلمة فألقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضلّ)[19] ، أي قدر خلقهم في سابق علمه، ثمّ أفرغ عليهم من وجوده وقد جرتنا المناسبة لآية لسنا بصددها، ومحصل الإشارة أنّ جميـع ما تدفق من الفيض الأقدس المتنوع بالمعنى والحس أساسه النور المحمدي، ومنه تشعبت سائر الأنـوار التي من بعضها السموات والأرض ولا تستبعد ما نراه من صلابة الحسّ أن يكون ذلك بعضا مــن شعاع حضرة القدس، فالتغيّر واقع من ضعف الأبصار وبانتفاء النقص المؤثر ينتفي عن الآثار، فالتفـت للنشأة الأصليّة التي هي نور على نور (فارجع البصر هل ترى من فطور)[20] ، كلا، لا تجـد إلا بطونا وظهورا، وذلك الظهور هو المعبّر عنه بالنور فمن اهتدى إليه فقد اهتدى (يهدي الله لنـوره من يشاء )[21].
قلت وذلك النور هو المانع من إدراك الكنهيّة فحجابه تعالى هو ظهوره، فمن شدّته اختفى، جاء في الخبر: (حجابه النور)، فبسبب ظهور النور الإضافي احتجب المجرّد ولا يرى النور إلاّ في النور ولا يــدرك البطون إلاّ في الظهور، قال عليه الصلاة والسلام: (من رآني فقد رأى الحقّ فإن الشيطان لا يتكوّن بي)[22] ، أي من عرفني فقــد عرف الحقّ، ولا يعني برؤيته الذات المسمّاة بمحمد بن عبد الله، بل يومي لحقيقته المتدفقة من بحار عظمة الذات لأنّها محل ظهوره تعالى، قال في بعض كلامه: (لا يسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن)، وذلك القلب هو المتجلّي بسائر الأرواح والنفس المتجلّي بسائر النفوس (ما خلقكــم ولا بعثكم إلاّ كنفس واحدة )[23] ، فمن عرف هذه النفس وشهد المعنى في الحسّ لا يعـدم حظّه من شعاع حضرة القدس ولم يوجد ذلك إلاّ في خصوص أفراد بما جعله الله فيهم من الاستعداد زيادة عن صفة الإدراك المشترك فيها عموم العباد، ومنهم الأنبياء وخاصّة الخاصّة من الأولياء، ولهـذا مدح المؤلف مقام النبوءة بأنّه عليه الصلاة والسلام المتحقق في عالمي البطون والظهور بمعاني الأسـماء والصفات، فبهذا الاعتبار يكون هو المتحقّق الواحد على الوجه الأكمل، وأمّا ما عداه فبالإضافة والإرث (العلماء ورثة الأنبياء)،
وقولنا هو المتحقّق الواحد: لأنّه هو أول مظهر ظهرت به الـذات، أو تقول أول متعلّق للأسماء والصفات، فله في البطون بقدر ما له في الظهور، وفي الأوليّة بقدر ما فـي الآخرية، ولهذا كان الواسطة العظمى بين الحق وخلقه، وبعثته تأخرت في الأشباح ليجمع بين الأوليّة والأخرويّة، فبذلك انطبقت البداية على النهاية، وقد ينتهي الشيء في نفسـه، والفرع في أصله سنّة الله في خلقه (إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد )[24] ، وقال مشيرا لهذا المعنى عليه الصلاة والسلام: (إنّ الزمان قد استدار كهيئتة يوم خلق الله السمـوات والأرض)[25] ، ويتّضح لنا من عموم الإشارة أنّ النبوءة خط مستدير كخاتم متألف من نقط وهم الأنبياء والنقطة الجامعة بين طرفي حلقة الخاتم هو محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وبمناسبة ما له من المزايا من جهة اختصاص نقطته بأختام دائرة النبوءة عن بقية النقط قال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر)[26] ، ثــمّ إذا اعتبرنا حلقة خاتم النبوءة بعد تواصل الأطراف بعضها ببعض ظهرت لنا كلّ نقطة من نقطها جامعـة بين طرفيها لو جرّدتها لوقع الانفصال فتساوت النقط بهذا الاعتبــار (لا نفرق بين أحد من رسله )[27] ، لأنّ التفريــق وصمة في دائرة النبوءة، وقد تقدّم لنا أنّها واحدة متألفة من نقط متواصلة ببعضها ومنتهى الدائــرة عين مبتداها، وحقيقتها الروح الأعظم المتكفّل بالإنباء عن الله وليس هو إلاّ النفس المحمديّ، والـروح الأبدي المنفوخ منه في آدم، فهو أول نقط الدائرة، قال بعضهم على لسان الحقيقة الأحمديّة:
وإنّي وإن كنت ابن آدم صورة,,,,,فلي فيه معنى شاهد بالأبــوة
وعليه فالنبوءة لمحمد حقيقة في أي نقطة من نقطها ظهرت لما تقدّم أنّها واحدة وإن اتسمت بأسماء فمن نظر الدائرة بعد تواصل الأطراف قال: (لا نفرق بين أحد من رسله )[28]، ومن نظرها قبل ذلك أو لم تحط همته بما هناك قال: ( نؤمن ببعض ونكفر ببعض)[29] ، والبعض لا يحوي معنى الكلّ، وبما قررناه نتوصل لمعنى خاتم النبوءة ويشمله عليه الصلاة والسلام مـن وجهين، الوجه الأول إنّه النقطة الجامعة بين طرفي حلقة الخاتم حسبما تقدم، والوجه الثاني إنّه الخاتم بتمامه وقد تقدّم أنّ النبوءة واحدة وهو حقيقتها فكان خاتم النبوءة بكلّ اعتبار، وقد تقدّم أنّ حقيقة النبوءة الروح الأعظم المتكفّل بالأنباء عن الله لا خصوص الجسم المشهود للعموم، ولذلك أشار أويس القرني رضي الله عنه حيث قال ما عرفتم من محمد إلاّ كمن عرف الغمد من السيف، يشير للــروح الأعظم المتنزّل بذلك الجسم كما تنزّل كلام الله القديم بالقرآن العظيم فكان الجسم دليلا على الروحانيّة والكتاب دليلا على الصفة الأزليّة وبمناسبة اختصاصه بالأنباء عن الله من أول الفيض الأقدس تكون روحه الكريمة هي الآخذة للميثاق عن عموم الأرواح يوم (ألست بربكم )[30] ،لأنّه الواسطة في كلّ تبليغ وإلاّ فما فائدة تقدّم نبوءته، ولذلك أشار المؤلف بقوله فهو أول حامد ومتعبّد بأنواع العبادات والقربات، فكونه أول حامد نظرا لنوره الكليّ ومتعبدا بأنواع القربات نظرا لجزئياته،.وللنبهاني رضي الله عنه:
نورك الورى والكلّ أجزاء,,,,,يا نبيا من جنده الأنبيـــاء
قال تعالى: (وكلّ شيء أحصيناه في إمام مبين )[31] ، ولا إمام أبين وأحقّ بالإمامة منه وعموم إشارة العارفين تومىء إلى انطواء الأشياء جميعا واندراجها في حقيقته لكن الفكر ينبو عن ذلك بدون تدبر فيما هنالك، ومن أخذ الله بيده وأطلعه على الفرع من أصله يجد الأشياء بجميع أفرادهـا منحصرة في الحقيقة المحمديّة انحصارا كليّا، فيكون هو المتعبّد بسائر أنواع العبادات والقربات بهذا الاعتبار والإيمان بذلك متيسّر، والنظر متعسّر من جهة ما بعضنا يعارضه من أنواع المخالفة المشهـودة في إفراد العالم إلاّ بعد الاستخدام والنظر السديد، عسى أن يتضح لديه (وإن من شيء إلاّ يسبح بحمده ) [32]، ومع بقاء وجود المخالفة فهي نزر قليل باعتبار العالم الجليل (وما يعلم جنود ربّك إلاّ هو )[33] ، والخلاف من حيث الرضا، وفاق من حيث الإرادة (ولو شاء ربّك ما فعلوه )[34] ، وكفانا لتبين قوله تعالى: (فقال لها وللأرض ءأتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين )[35] ، فكلّ ما استقبحناه في الوجود لا نجد قبحا لحقيقته مهما وقع الشهود:
فكل قبيح إن نسبت لفعله,,,,,أتتك معاني الحسن فيه تسارع
وقد ظهر لي أنموذج تقريبا، ألا ترى أنّ القرآن العظيم جمع فيه ما تفرّق في غيره حوى من ذكر العلويّات والسفليّات والطاعة والمعصية والإلهيّات والفرعونيّات وغير ذلك ممّا لا يحصى (ما فرطـنا في الكتاب من شيء)[36] ، فهو مختلف من جهة المتعلقات متحد في الحقيقة نتعبّد بتلاوته ما فيه دلالة على الكفريّات كما نتعبّد فيه دلالة على الذات والصفات فكلّ لفظ من ألفاظـه كيفما كان من جهة متعلقاته (لا يمسّه إلاّ المطهرون )[37] ، وكل ذلك بإضافته وهكـذا من نظر الكون من جهة حقيقته فلا يراه إلاّ كمشكاة فيها مصباح، وهذا إن نظر المشكاة من مقدمها وأمّا من نظرها من خلفها فلا يراها إلاّ مظلمة، لأنّها ليست نافذة من وجهيــــــن (باطنه فيه الرحمـــة وظاهره من قبله العذاب )[38] ، ولا يضرّ الشمس في سناها أنّ كفيف العين لا يراها، وقوله الممدّ في عالمي الأرواح والأشباح لجميع الموجودات، فلا يخرج من ذلك إلاّ عالم القدم فقط، وما عداه مستمد منه كيفما كان استمداد الفرع من أصله، وقوله وعلى أله وأصحابه، فالآليّة والصحبيـّـة غير خفيتين على الفهم العام، وما وراء ذلك أنّ الأول من آل أمره أن يصل للمشرب المحمديّ، أي: قرب منه فتشمله الآليّة كيفما كان (سلمان منا آل البيت)، وللنابلسي رضي الله عنه:
يا نسبة أدخلت سلمان في النسب,,,,,بقول طه رسول الله خير نبيّ
سلمان منا بآل البيت الحقـّــة,,,,,مع أنّه فارسيّ ليس بالعربيّ
وهذا هو النسب الحقيقي المتوارث في شرع القوم والصحبيّة تشمل من صحبه فـي المقام نفسه كإخوانه من الأنبياء، وخاصّة الخاصّة من الأولياء، وإنّ وجود التفاضل في المقام (تلك الرسل فضلّنا بعضهم على بعض)[39]، وما سوى هذه العصبة لا تشملها الصلاة باعتبار ما فسرت به، وأمّـا على المصطلح العمومي فهي شاملة لكلّ مؤمن فضلا عن آل بيته وعترته رضوان الله عليهم، وقوله صلاة تكشف لنا النقاب عن وجهه الكريم في المرائي واليقظات، أي يجعلها لنا وسيلة لكشف النقاب عن حقيقته الخاصّة المتقدّمة في الذكر، ثمّ أشفق رضي الله عنه وخشي أن تكون هذه النظرة مانعة لـه ممّا أهم من ذلك وهو الجمع بين النظرتين والرسوخ في الحضرتين، قال وتعرّفنا بك وبه في جميــع المراتب والحضرات، فكأنّه يقول: أسفي لك يا مولانا أن تعرّفنا به معرفة لا تحجبنا عن معرفتك، وارزقنا فيه ملاحظة لا تمنعنا عن ملاحظتك، حتى نقوم بالموجبين في جميع المراتب والحضرات، وهذا أعزّ شيء تطاولت له الأعناق، فهو النهج القويم والصراط المستقيم المسؤول في قوله تعالـــــى: (اهدنا الصــراط المستقيم )[40] ، وكان أثمر شيء في الوجود وأصعب على الشهود لمجيئه بين البينين فهــو الجامع بين النقيضين، وكلّ يجري لحقيقته (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه)، ولكن تأييد اللـه يسهل أصعب المسالك ولمّا كان هذا الصراط أرق وأدق والسائر عليه أخوف وأشفق لقوله عليه الصلاة والسلام: (إنّي لأقربكم من الله وأشدّكم منه خشية)، فكلّما اشتدّ القرب يخشى العطب، ولهذا قال المؤلف وأنا أقول معه والطف بنا يا مولانا بجاهه في الحركات والسكنات واللحظات والخطرات سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالميـــــــــــن[41].



[1] البقرة آية : 253
[2] القيامة آية :  22، 23
[3] النجم آية : 18
[4] الأنبياء آية : 107
[5] رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي في سنّنه
[6] إبراهيم آية: 23
[7] الأحزاب آية:  56
[8] رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي وأبو داود والدارمي في سننهم
[9] الضحى آية : 4
[10] إبراهيم آية : 34
[11] البقرة آية : 247
[12] النور آية  35
[13] النور آيــــــــة : 35
[14] البقرة آية : 115
[15] الشورى آية : 53
[16] الشورى آيــة : 11
[17] النور آية : 35
[18] النساء آية : 80
[19] رواه الترمذي في سننه
[20] الملك آية : 3
[21] النور آية : 35
[22] رواه الإمام أحمد في مسنده، والبخاري في صحيحه
[23] لقمان آيــــــــة : 28
[24] القصص آية : 85
[25] رواه البخاري في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه
[26] رواه الترمذي وابن ماجة في سننهما، والإمام أحمد في مسنده
[27] البقرة آية:  285
[28] البقرة آية : 285
[29] النساء آية  150
[30][30] الأعـراف آية : 172
[31] يس آية : 12
[32] الإسراء آية / 44
[33] المدثر آية / 31
[34] الأنعام آيـة / 112
[35] فصلت آية / 11
[36] الأنعام آية / 38
[37] الواقعة آية / 79
[38] الحديد آية / 13
[39] البقرة آية / 253
[40] الفاتحة آية / 5
[41] دوحة الأسرار في معنى الصلاة على النبيّ المختار عام -  1335  -  الطبعة الثالثة عام  - 1981 -  في المطبعة العلويّة بمستغانم - أحمد بن مصطفى بن عليوة المستغانمي.