بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 سبتمبر 2014

قراءة بعض الآيات أو الأذكار بعدد

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه
قراءة بعض الآيات أو الأذكار
في أوقات معينة وبِعددٍ معينٍ بِشكل مستمر
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
    ورد في كتاب الله تعالى وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الترغيب في ذكر الله تعالى على كل حال، وكذلك ورد الترغيب في الذكر في أوقات محدودة لشرفها ومضاعفة الأجر فيها، كالذكر عند طلوع الشمس وعند غروبها، والذكر بالغدو والآصال، ومنه قول الله تعالى: (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [1]، وقوله تعالى:{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[2] ، وقوله تعالى:{وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ}[3] ، وكذلك الاستغفار في وقت السحر كما قال تعالى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}[4] ، وقوله تعالى {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }[5]
   والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - شرع لأمته من الأذكار ما يملأ الأوقات! فلكل حالة أو زمن ذكرٌ يخُصُّه؛ ففي الصباح أذكار مخصوصة، وفي المساء كذلك وعند النوم، واليقظة، وعند دخول البيت والخروج منه، وعند طعامه وشرابه، وغير ذلك من أحواله. ولا شك أن من حافظ على هذه الأذكار فإنه سيكون من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، وبهذا يأمن مما اتصف به المنافقون حيث يقول الله عنهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}[6] .
    كما أن الله تعالى ذكر أن في قراءة القرآن الكريم شفاء لما في الصدور، وذهاباً للهموم، وتيسيراً للأمور، قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا}[7] ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ }[8] ، وقال تعالى: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}[9].
    وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأوراد من الأذكار بعدد معين، مثل الاستغفار، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: ( والله إني لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إليه في الْيَوْمِ أَكْثَرَ من سَبْعِينَ مَرَّةً )[10] ، كما أنه صلى الله عليه وسلم رغب في بعض الأذكار بعدد معين، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من قال سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ في يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كانت مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ) .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: ((من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة،كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يُمْسِيَ، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه، ومن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت كانت مثل زبد البحر))[11] .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "جاء الفقراء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: "ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون". قال: ((ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم، ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خيرَ مَنْ أنتم بين ظهرانيه، إلا من عمل مثله، تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين))[12] .
   أفرأيت إن أراد رجل أن يتصدق بكل يوم دينارا لمدة شهر فهل نقول إنه مبتدع وأن هذا العمل لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن يقول ذلك لاشك انه جاهل بمقاصد الشرع وحكمته من التشريع. وسوف أضع بين يديك الأدلة على صحة ما ذكرته لك: روى الشيخان عن عائشة : أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم ب (قل هو الله أحد)فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ، فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأها ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أخبروه أن الله يحبه.
وروى الترمذي عن أنس بن مالك قال كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء فكان كلما افتتح سورة يقرأ لهم في الصلاة فقرأ بها افتتح بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها ثم يقرأ بسورة أخرى معها وكان يصنع ذلك في كل ركعة فكلمه أصحابه فقالوا إنك تقرأ بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بسورة أخرى فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بسورة أخرى قال ما أنا بتاركها إن أحببتم أن أؤمكم بها فعلت وإن كرهتم تركتكم وكانوا يرونه أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال يا فلان ما يمنعك مما يأمر به أصحابك وما يحملك أن تقرأ هذه السورة في كل ركعة فقال يا رسول الله إني أحبها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حبها أدخلك الجنة)[13] ، أرأيت كيف أن الصحابي قد اجتهد في قراءة سورة الاخلاص بطريقة معينة في الصلاة وأقره النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه بل بشره بالجنة، هكذا كان هدي محمد صلى الله عليه وسلم وهذه هي سنته ولو كانت بدعة منكره لم يقرها ولم يبشره بالجنة أليس كذلك.
   بل انظر إلى الحديث التالي عن أبي ذر ثم عن أبي سعيد وآخر عن عائشة رضي الله تعالى عنهم جميعا، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قام النبى صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يرددها، والآية [إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ][14] .
   وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت (قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية من الْقرْآنِ ليلة)[15] .
  وعن أبي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه أَنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم رَدَّدَ آيَةً حتى أَصْبَحَ)[16]
    وروى البخاري من حديث عن رفاعة بن رافع الزرقي قال : (كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده . قال رجل وراءه : ربنا ولك الحمد حمدا طيبا مباركا فيه . فلما انصرف قال : مَن المتكلم؟ قال : أنا . قال : رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول)[17] .
      أرأيت كيف اجتهد الصحابي في الثناء على الله تعالى وهي عبادة وفي الصلاة أيضا بهذه الزيادة من عنده وأقره النبي ولم ينكر عليه بل فضله على غيره، أرأيت كيف هو الفقه في الاسلام.
     كما أن دفع الضر وجلب النفع، وغيرهما من أبواب الرزق إنما هي من خزائن الله، وعطايا الله تنال بطاعته، ومن أفضل الطاعات التي يتقرب بها إلى الله قراءة القرآن الكريم. لما في الحديث: (من قرأ القرآن فليسأل الله به)[18].
وحيث تقرر ذلك كله عُلم أنه يجوز قراءة بعض الآيات أو الأذكار في أوقات معينة وبِعددٍ معينٍ بِشكل مستمر، بقصد جلبِ رِزقٍ أو هيبةٍ أو جاهٍ أو طرد شَرٍّ أو توفيق في عمل ما، فإن من خير ما يَتقَرَّب به العبد إلى الله تعالى لقضاء الحوائج ذكرُ الله تعالى، وأفضل الذكر قراءة كلام الله تعالى.  والله تعالى أعلى وأعلم ، وأعز وأحكم .
والخلاصة
يجوز قراءة بعض الآيات أو الأذكار في أوقات معينة وبِعددٍ معينٍ بِشكل مستمر ، بقصد جلبِ رِزقٍ أو هيبةٍ أو جاهٍ أو طرد شَرٍّ أو توفيق في عمل ما ، والله تعالى أعلى وأعلم ، وأعز وأحكم .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: ((يقول الله - عزَّ وجلَّ : أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأٍ هُمْ خير منهم ))[19] .
فعليكم بالمواظبة على قراءة الأذكار والأوراد
اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه


[1] الأحزاب : 42
[2] [ الإنسان : 25 ]
[3] [ الأعراف : 205 ]
[4] [ آل عمران : 17 ]
[5] [ الذاريات : 18 ]
[6] [النساء: 142].
[7] [ الإسراء : 82 ]
[8] [ يونس: 57 ]
[9] [الطلاق: 4 ]
[10] رواه البخاري
[11] صحيح البخاري (4/173) برقم (6403) وصحيح مسلم (4/2071) برقم (2691).
[12] صحيح البخاري (1/271) برقم (843)، ومسلم (1/416) برقم (595). الحديث.   

[13] قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن عمر عن ثابت
[14] {المائدة:118} رواه النسائي2/177، وابن ماجه(1350) وصححه الحاكم1/367..
[15] رواه الترمذي وقال: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ من هذا الْوَجْهِ (448) .

[16][16] رواه أحمد3/62

[17] ورواه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه
[18] رواه الترمذي.
[19] البخاري (4/384) برقم (7405)، ومسلم (4/2061) رقم (2675)..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.